Tuesday, August 25, 2015

لغز حير العلماء: اللغة المروية .. كنوز تحت الرمال

محمد جادين: ابتدع قدماء السودان الأبجدية المروية والتى عرفت عند المتخصصين بـنوعين من الخط، الهيروغليفي (برموز مصورة) و المختزل اصطلاحاً وكلاهما ينحدران عن أصول مصرية فالأول منحدر عن الكتابة الهيروغليفية والثاني منحدر عن الكتابتين الهيراطيقية والديموطيقية، الا ان (الخط الاختزالي) يعتبر أحد الأشكال المتطورة للكتابة في الشرق الأدنى القديم، حينذاك، ولكن لم يعرف حتى الآن على وجه التحديد تاريخ كتابته لأول مرة وذلك لعدم توفر المادة المكتوبة بصورة متصلة خلال الفترات المختلفة للعهد المروي (900 ق.م- 350م).
لم تزل اللغة المروية التي وجدت في جدران المعابد وجبانات الملوك لغزاً عصياً لم يتمكن العلماء من فك رموزه بعد ان استعصت طلاسمه على المتخصصين والمهتمين، ويرى بعض علماء الآثار أن فك شفرة اللغة المروية يحتاج إلى وثيقة أثرية على غرار حجر (رشيد) الذي حلت به اللغة الهيروغليفية المصرية حتى يتمكنوا من قراءة أسرار التاريخ النوبي وذلك بالبحث عن كنوزه المدفونة بالرمال والمغرقة بمياه السد العالي حتى العثور على وثيقة بهذه القيمة الأثرية حول المراكز السكانية التاريخية والمعاصرة وهي ذات المراكز التي تأثرت بمشاريع السدود الحالية والتى يخشى كثير من الباحثين ان تذوب تاريخنا الى الأبد.
ويؤكد المهتمون بتاريخ الحضارة المروية أن المعلومات المتوفرة عنها ترجع الى ما بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد وهى الفترة التى قلت فيها المخطوطات المروية بشكل واضح وهى الفترة التي ظهر فيها الخط المروي وشهدت تغيرات ثقافية مهمة، ولكن لم تعرف ماهية هذه التغيرات وتطوراتها رغم معرفة حدوثها من نتائجها وأهمها الكتابة المروية بخطيها «الهيروغليفي والمختزل»
ويقول عميد كلية الآداب بجامعة جوبا البروفيسور عبد الرحيم محمد خبير إن اللغة الكوشية «المروية» تعد أول اهتداء لمبدأ الأبجدية في أفريقيا جنوب الصحراء ، وانها كانت لغة التخاطب لعامة الناس الذين تسموا بالأسماء المروية وتخاطبوا بها فيما بينهم أما اللغة الرسمية «لغة التوثيق والتدوين» فهي اللغة المصرية القديمة بخطها الهيروغليفي، وتخاطب بها أفراد الأسرة الحاكمة وموظفو الدولة وبعض المتعلمين المرويين وأوضح الخبير أن الشواهد اللغوية المتواترة تشير إلى وضع لغوي مركب إبان العهد المروي وقال من المؤكد ورغم أن اللغة الأكثر تداولاً كانت هي اللغة المروية، فهناك أيضاً لغات ولهجات عديدة خلافاً للمروية، فكانت للبجة بشرق السودان لغتهم وهم من رعايا الدولة المروية، والنوبيون وغيرهم من القبائل الأخرى لهم لغاتهم الخاصة، وكانوا جميعاً يعيشون مع المرويين ويختلطون بهم في مناطق المملكة المروية المترامية الأطراف كما هو جلي من المدونات والرسومات
وغيرها







وتؤكد الدراسات أن أقدم نص مكتوب باللغة المروية هو اسم الملكة (شناكداخيتي- ق.م.)، أما أحدث النصوص المروية الهيروغليفية فترجع إلى زمن الملك (تاركنوال) عثر عليها فى بوابة المقصورة المتصلة بهرمه المعروف برقم (19) في مروي القديمة (البجراوية) أما أقدم نص كتب بالخط المروي المختزل هو نقش الملك (تنييدمني 120- 100ق.م) وهو نقش طويل يتكون من 160 سطراً عثر عليه في معبد آمون عند جبل البركل.
ويزعم بعض الباحثين فى تاريخ السودان القديم أن اللغة المروية كانت لغة السودانيين منذ عهد مملكة كوش الأولى (كرمة 2500- 1500 ق.م.) ، ولكن لم يتمكنوا من كتابتها إلا في الفترة المتأخرة لدولة كوش الثانية (مروي) فى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، وأرجعوا ذلك الى الضعف التواصل الثقافي بين مملكة مروي ومصر الفرعونية منذ أن تقهقر السودانيون عن مصر عام (663 ق.م) بجانب فترات الحكم الأجنبي على مصر من (الأشوريون والفرس والإغريق والرومان) وانها أضعفت مكانة اللغة الهيروغليفية، مما دفع المروين إلى ابتداع الأبجدية المروية بدلاً من الاعتماد الوحيد على اللغة (الهيروغليفية) المصرية القديمة .
وتجدر الإشارة الى أن المخطوطات المروية تتوزع على امتداد مناطق انتشار الحضارة المروية ما بين جزيرة فيلة (قرب أسوان) وحتى سوبا بالخرطوم، إضافة ً الى النوبة السودانية (النوبة العليا) والتى عثر فيها على العديد من النصوص الدينية والمدنية في (جبل البركل، صلب، الكوة، صادنقا، جزيرة صاي، عمارة بوهين في أقصى شمال السودان)، ووجدت أيضاً العديد من النصوص في مروي (البجراوية) والنقعة وود بانقا في أواسط البلاد، أما في النوبة المصرية (النوبة السفلى) فقد عثر على النصوص المروية في كل
من (شبلول، كرنوق، بلانة وقسطل وأبو سمبل ووادي السبوع ودوطة وعنيبة وكلابشة
 


http://www.sudaress.com/alsahafa/18044 

No comments:

Post a Comment

من هو الافضل للسودان

ويسألونك ..؟ محمد امين ابوالعواتك في اوقات الظلم وغياب السلم والامان والفقدان الموجع.. إن من يصنع الفرق هو كل من يوقد الامل وينشر شعاعه ويصن...

Search This Blog